اعتاد المواطن المصرى عندما يمنّ الله عليه بـ«عطية»، مثل: وظيفة جديدة، أو شقة، أو سيارة، أو حتى نجاح «عيل» من عياله، أن «يدبح» حتى يمنع «العكوسات». ودائماً ما تسمع أحدهم يقول لك: «ادبح عشان العكوسات»، عندما تصادف بعض المشاكل أو تصاب ببعض الانتكاسات فى شىء تملكه. والرئيس «مرسى» رجل منّ الله عليه بنعم كثيرة، فقد فكّ الله سجنه، بعد أن حبسه النظام السابق أيام ثورة يناير، ثم منّ الله عليه برئاسة حزب الحرية والعدالة الذى تأسس بعد الثورة، ثم شاء القدر أن يكون مرشح جماعة «الإخوان» للرئاسة، بعد أن رفضت لجنة الانتخابات أوراق المهندس «خيرت الشاطر»، ثم انتُخب رئيساً للجمهورية، وهو الآن يعيش نشوة النصر، ويرغد فى نعيم قصور الحكم، يحيط به الحرس، ويسير فى المواكب الزاهية، تقابله الشخصيات، التى كان يراها فى التليفزيون فقط، بترحاب وحفاوة.
كل هذه العطايا كانت توجب على الرئيس أن يذبح، وربما كان تلكُّؤه عن ذلك هو السر فى العكوسات التى تصادفه منذ أن تبوأ مقعد الرئاسة. حاول أن يعيد مجلس الشعب «المنحل» لم يفلح، قرر أن يقيل النائب العام لم يستطع، اجتهد فى إقناع المصريين بغلق المحلات فى العاشرة مساء والنوم «بدرى»، كى يتمكنوا من الاستيقاظ لصلاة الفجر، هاج فى وجهه الناس، أسقط الديون عن صغار المزارعين، لم يستجب له بنك التنمية والائتمان الزراعى، وقال للفلاحين «الديون باقية»، حاول أن «يهدّى النفوس» بين أعضاء الجمعية التأسيسية حتى ننتهى من كتابة الدستور، فانسحب بعضهم غير آبهين، طلب من الشباب «يفضوا دماغهم» من موضوع المظاهرات، فتقاطر له الآلاف فى ذكرى إحياء مذبحة «محمد محمود»! ثم تعال إلى تلك الحوادث التى لا يمر يوم إلا ونشهد واحدة منها، من تصام قطارات، ودهس أطفال على قضبان السكة الحديد، وانهيار عمارات، وسقوط طائرات.
ألم يلتفت الرئيس «مرسى» إلى كل هذه «العكوسات»؟!. المسألة أصبحت تستوجب «الدبح»، خصوصاً أنه شعيرة إسلامية، تعوّد عليها المصريون، «عشان يخزقوا بيه العين»، عملاً بقاعدة «اللقم تمنع النقم». و«الدبح» وسيلة جيدة أيضاً لمقاومة الحسد، والحسد -كما تعلم يا «ريس»- مذكور فى القرآن الكريم، ولكى يفهمنى الرئيس «صح» أقول له: أنا أقصد «دبح» حيوان أو طير أو حتى «أرنب». أؤكد على ذلك لأن هناك من يدعو الرئيس الآن إلى مواجهة معارضيه، والمتظاهرين ضده فى «محمد محمود» بالذبح، لا يا «ريس»! هل تقتل ذلك الشعب الطيب الصبور المهاود؟ أنا واثق أن الدكتور «مرسى» لن يستجيب لكلام هؤلاء، بل ربما يفكّر فيما أدعوه إليه.. «ادبح» يا «ريس».. «بس اوعى تدبح الشعب»!.